للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
إضاءات

الغوطة تُذبح .. والعالم عاجز

( الفوز – دوليات )

يعيش الميدان السوري تصعيداً عسكرياً كبيراً بعد عام من خفص التصعيد الذي اعقب سقوط حلب بيد نظام بشار الأسد واتفاق تركيا مع روسيا وايران على تهدئة الجبهات، تمهيداً لاجتراح حل سياسي وفق اجندة الاطراف الثلاثة، غير ان عودة الولايات المتحدة بقوة إلى الملف السوري حال دون نجاح الخطط التي تم التوافق عليها في مؤتمرات «أستانة» الثمانية.

ويبدو ان أسباب النزاع الذي يوشك على دخول عامه الثامن اختفت في ظل تنافس هذا العدد من اللاعبين، الذين يتابعون مصالحهم، ويبحثون عن الأرباح في اقتصاد الحرب، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فقد استثمر الأقوياء كثيرا، ولا يمكنهم التراجع أو الالتفات للسوريين الابرياء الذين يبدو انهم تركوا لمصيرهم المحتوم إما الموت بالقنابل وإما جوعاً، فاختنقت الغوطة الشرقية لدمشق بالغبار والدمار وغرقت بالدماء، حيث يستهدف النظام السوري ومعه حلفاؤه الروس والإيرانيون بوابل من القذائف الصاروخية هذا الجيب المحاصر قرب دمشق لليوم السادس على التوالي، موديا بحياة نحو 400 مدني، فيما مجلس الامن الذي يقف عاجزاً أصلا يعقد اجتماعا للتصويت على مشروع قرار قدمته الكويت والسويد حول هدنة في ما أسمته الامم المتحدة «جحيماً على الأرض» طال جميع مرافق الحياة وحتى الملاجئ التي اخترقتها الصواريخ الفراغية والارتجاجية والصواريخ التكتيكية «توتشا» وراجمات صواريخ من طراز «سميرتش» ذات القوة التدميرية الهائلة التي زوّدت بها موسكو حليفها الأسد من قاعدة حميميم.

وكانت الطائرات الحربية التي غابت عن أجواء الغوطة بسبب الأمطار طوال ليل الخميس عاودت صباح أمس قصفها، مرتكبة مجزرة في مدينة دوما، حيث شوهد متطوعون من الدفاع المدني يخرجون نساء جريحات من تحت الأنقاض.

واثناء انهماكهم بانقاذ امرأة، استهدف القصف الجوي المنطقة، وتمكنوا من إخراجها لاحقاً، ولكنها كانت فارقت الحياة.

وبحسب مركز الغوطة الإعلامي، فإن العشرات قتلوا وأصيبوا نتيجة استهداف المدينة بأكثر من 150 صاروخاً. كما استهدف القصف بلدة أوتايا ومدن عربين وحرستا ومسرابا وكفر بطنا، مما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات.

وبحسب مراقبين، فإن التصعيد الاكبر في الغوطة لم يحن بعد، ويتم التحضير له بشكل مكثف بين الروس والنظام والميليشيات العاملة بالمنطقة.

وفي هذا السياق، ذكرت مصادر في قوات النظام أن مجموعات من فرق الاستطلاع الروسية وصلت إلى مناطق تستعد قوات النظام لاقتحامها بالغوطة.

موقف عربي :
هذا، وطالبت السعودية والإمارات والبحرين النظام السوري بوقف العنف في الغوطة وهدنة فورية حقنا للدماء وحماية للمدنيين، وقالت أبوظبي إن سوريا التي شهدت أفظع المواجهات والاستهداف الممنهج للمدنيين لا تتحمل فصلا دمويا مكررا.

غير أن إيران وروسيا تدفعان عنهما مسؤولية ما يحدث وتلقيان باللائمة على عاتق دول تدعم الإرهابيين.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني إن بلاده تتواصل مع عدة أطراف – بينها النظام – لوقف التصعيد في الغوطة وإدخال المساعدات، مشيراً إلى أن «الوضع معقد جدا، وهناك مخاوف من اندلاع حرب إقليمية».

أما المعارضة السورية المحبطة من حلفائها تحديداً، فأعلنت على لسان رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري، أن الحلول الدولية المطروحة بخصوص الغوطة تدل على عدم وجود الرغبة الحقيقية لدى المجتمع الدولي بإنهاء ما يحصل إلى الأبد. وأضاف أن «أي مبادرة تفضي إلى إخراج أهالي الغوطة من منازلهم تعتبر جريمة تهجير قسري وبمنزلة جريمة حرب»، مشيراً إلى أن الحل هو في تنفيذ القرارات الدولية التي تنص على الوقف الفوري لكل أنواع القصف، والجلوس على طاولة المفاوضات وتحقيق الانتقال السياسي الكامل.

وساطة مصرية :
وفيما راجت انباء عن وصول ضباط من الاستخبارات المصرية إلى دمشق لعرض وساطة لوقف التصعيد، قالت الفصائل الموجودة في المنطقة وبينها جيش الاسلام إنه لا وجود لأي مفاوضات معها حتى الآن، وهو ما يؤشر إلى رفض النظام لهذه الوساطة وإصراره على الحسم العسكري، مدعوماً من الروس، حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو مستعدة لدراسة وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً بشرط ألا يشمل ذلك تنظيم داعش وجبهة النصرة والجماعات الأخرى «التي تقصف المناطق السكنية في دمشق».

وهو ما يعني أن روسيا تصنف جميع من يوجدون في الغوطة في نفس الخانة. وبالتالي، فإنها ستمضي بخطتها. وأعلن الجيش الروسي أن المحادثات لحل الأزمة في الغوطة سلمياً انهارت، متهماً فصائل المعارضة بتجاهل الدعوات لإلقاء السلاح.

إلا أن المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن نيكي هيلي قالت إنه «من المنافي للعقل القول إن هذه الهجمات على المدنيين مرتبطة بمكافحة الإرهاب».

بدوره، قال ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إنه «من الضروري تجنب حدوث مذبحة، لأن التاريخ سيصدر حكمه علينا».

تنافس الكبار :
ويبدو أن المدنيين في سوريا يدفعون ثمن تنافس القوى الكبرى، حيث إن العنف الذي يمارسه النظام هو عملية محسوبة ومرخصة، وخلفها واقع فج يجسد مقولة «القوي يفعل ما يريد»، حيث إن الحرب أطلقت العنان للجشع والوحشية، وحرفت المعايير الأخلاقية، بحسب افتتاحية صحيفة الغارديان، التي أشارت إلى عودة جميع الاطراف المنخرطة في النزاع إلى حالة العداء، ما جعل الكارثة تنمو باستمرار وهي مفتوحة على المزيد من التصعيد وحشد المحاور عسكرياً، لا سيما بعد فشل ما خطط له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال العام الماضي، وتفصيله حلاً سياسياً على مقاسه، وعندما فشل في تسويقه، واتهم الولايات المتحدة بإفشاله، توعد المعارضة السورية بدفع الثمن. وهذا التوعد الروسي بدأ يترجم عملياً، فبعد ان اعلن بوتين العام الماضي بدء تخفيض قواته في سوريا، نقلت وسائل إعلام روسية، أمس، عن مدونين روس وناشطين سوريين تأكيدهم وصول عدة طائرات عسكرية روسية جديدة إلى قاعدة حميميم. وأشارت المعلومات والصور المنشورة إلى وصول أحدث طائرة روسية متعددة المهام من الجيل الخامس من طراز سوخوي 57 التي دخلت الخدمة مؤخراً في عداد سلاح الجو الروسي، ولم تشارك في أي معارك حقيقية. كما تشير المعلومات إلى وصول أربع مقاتلات متطورة من طراز سوخوي ٣٥ وأربع قاذفات من طراز سوخوي ٢٥ برفقة طائرة تجسس إلكترونية متطورة. وهو ما أكدته مصادر عسكرية روسية لوكالة إنترفاكس.

وأظهر اجتماع لممثلي بلدات في محافظة درعا وآخرين عن النظام مع الروس تحضيراً لاتباع الجنوب السوري، الخاضع لمنطقة خفض تصعيد تديرها الأردن، بمناطق التسويات وإيصال رسالة للمجموعات المعارضة في المنطقة، مفادها ضرورة التوصل لمصالحة وتسليم السلاح أو مواجهة القوة العسكرية. وقالت مصادر في الجبهة الجنوبية إن وجهة النظام السوري وروسيا بعد الانتهاء من العمليات العسكرية في إدلب والغوطة الشرقية هي المنطقة الجنوبية ومدينة درعا بالتحديد.

ويبدو من التصعيد الروسي في هذه المنطقة التي كانت توصلت مع الأميركيين على اتفاق لإقامة منطقة خفض تصعيد يتبع لغرفة عمليات الموك في الأردن أن الامور تتجه نحو مواجهة روسية أميركية جديدة، بدأت مؤشراتها تتصاعد بعد قصف التحالف الدولي لمرتزقة روس قرب حقل غاز في دير الزور، إضافة إلى عودة السياسية الاميركية بقوة إلى ملف سوريا عبر استراتيجية اعلنت عنها واشنطن بداية هذا العام، وملخصها أن الولايات المتحدة لن تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في العراق، وتسعى إلى وجود عسكري لأجل غير مسمى في سوريا في إطار استراتيجية لمنع عودة تنظيم داعش، وتمهد الطريق دبلوماسيا أمام رحيل بشار الأسد في نهاية المطاف وكبح النفوذ الإيراني.

وعلى ما يبدو، فإن هذه الاستراتيجية الجديدة ستؤجج الصراع في المنطقة قبل الجولة الاخيرة المخصصة لتقاسم الحصص، في وقت تبرز الدعوات في الغرب إلى رفض محاولات النظام السوري ورئيسه الأسد التسلط من جديد، ورفض شراء صفقات إعمار البلاد منه.

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock