للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
إضاءات

جناية التيار الإسلامي على الديمقراطية

( الفوز – مقالات ) 

IMG_7123

أخطأ التيار الإسلامي منذ البداية عندما دخل إلى فضاء السياسة بروح وحسابات “الكتلة الدينية” أو الأمة البديلة ، المتطابقة فكريا وروحيا وقيميا ، والوارثة لشمولية الإسلام، فكان من أخطر نتائج ذلك أن تحول الإسلام نفسه في مجتمعاته إلى “كتلة سياسية” وخندق ايديولوجي ، وانسحب من رحابة كونه ماء الحياة للمجتمع بجميع أحزابه وتياراته وقواه المدنية ، ليصبح رمزا للأفكار والقيم التي تمثل الحركات الدينية أو الأحزاب الدينية وحدها ، كان ذلك أول خسارة من الدخول الخاطئ للإسلاميين إلى السياسة ، وهي خسارة مزدوجة التأثير ، فهي خسارة للإسلام نفسه وهيبة حضوره العقائدي والقيمي والروحي في المجتمع ، وخسارة أيضا للتيارات الإسلامية التي أصبحت “فصيلا” من الفصائل ، أو “طائفة” من الطوائف في محيط الدولة والمجتمع ، وكثير من مواقف الجرأة على الدين وثوابته ومقدساته من قبل مفكرين أو سياسيين أو قوى مدنية كان جهلا وعنادا وغفلة سببها الأساس تلك “الفتنة” التي أحدثها الإسلاميون عندما اقتحموا السياسة من المدخل الخطأ وتحولوا إلى “كتلة سياسية” تحتكر الحديث باسم الدين وتفرض نفسها كمرجعية ممثلة للدين وحقائقه ، فقلصوا حضور الإسلام في فضاءات المجتمع ، وحصروه في “خنادق” فكرية وسياسية ، وحولوه إلى “ايديولوجية” داعمة لقوى سياسية دونا عن بقية فعاليات المجتمع .

هذا المدخل وضع التيار الإسلامي خارج سياق التطور السياسي الديمقراطي بكل مراحله ، ليس فقط خارج إطار الدولة ، بل خارج إطار الحركة الوطنية بكاملها ، وبالتالي لم يكن في صدام متتالي مع الدولة فقط في كل مراحلها ، بل في صدام أيضا مع القوى الوطنية المختلفة حتى المعارضة ، مع تراكم المشاعر والأفكار السلبية تجاه تلك القوى ، والنظر إليهم ـ عادة ـ كعملاء ومتآمرين أو منحرفين أو حتى أعداء للإسلام ، وهو موقف كان له رد فعل مقابل جعل العلاقات بين الطرفين ملغمة بالخوف والشك والعدوانية المفرطة ، وهو الأمر الذي تفجر بصورة مروعة في أعقاب ثورة يناير ، سواء أثناء تولي المجلس العسكري للسلطة وانحياز الإسلاميين للجيش ، أو في مرحلة تولي محمد مرسي الرئاسة بعد الانتخابات الشهيرة وانحياز القوى المدنية للجيش ، ولم يكن ذلك الصدام الخطير وليد مشكلات لحظية فقط ، ولا خلافات قصيرة المدى ، أو سوء تقدير فقط لبعض المواقف ، وإنما كان كل ذلك مع تراكمات لميراث طويل من الشك والخوف والكراهية والعدوانية لم يفلح شركاء الثورة في علاجها ، الأمر الذي أضاع على الوطن كل شيء ، ودفع “الجميع” ثمنه .

التيار الإسلامي في حاجة ماسة وعاجلة إلى مراجعات شاملة لأفكار “التكوين” ، فالدعوة بما تحمله من قيم وأفكار ومفاهيم وعقائد هي من صميم الجهد الاجتماعي ، والعمل الأهلي ، وهي لا تصلح إلا بين متجانسين في تلك القيم والأفكار والمفاهيم ، أما السياسة فهي التقاء فعاليات اجتماعية مختلفة في روافدها الفكرية والقيمية والعقائدية على “مصالح” مشتركة ، وقواسم تحقق “للجميع” ضمانات الحرية والكرامة والمشاركة وإصلاح الدولة والمؤسسات وطرح بديل سياسي لقيادة الدولة إن قبل به الشعب في انتخابات حرة .

مقال ا. جمال سلطان / المصريون ” بتصرف “

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock