للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
إضاءاتالأخبار المثبتة

د. عبدالمحسن الخرافي / “ الكمندتور” صالح باشا كيكيا (واقف من أرتيريا)

( الفوز – مقالات )

هو: صالح بن محمد كيكيا، المولود عام 1322هـ الموافق لعام 1904م في مدينة “حرقيقو” بأرتريا من أسرة “كيكيا” التي تنتمي إلى قبيلة “البلو” الواسعة الانتشار في أنحاء أرتريا. عمل في التجارة مع والده، ثم أسس عملاً تجارياً خاصاً به، وبعد الاحتلال الإيطالي لإثيوبيا اتسعت أعماله التجارية حتى وصلت إلى إثيوبيا وأصبح من كبار تجارها.

تزوج وله من الأبناء أربعة : محمد نور، وأحمد، وحسن، وحسين، بالإضافة إلى بنت واحدة، وقد استشهد ابنه أحمد اغتيالاً على يد القوات الإثيوبية في “مُصوَع” عام 1975م.

حصل على لقب “الكمندتور” وهو لقب كان يمنح من الحكومات المتعاقبة في أرتريا إبان الاحتلال الإيطالي، وأصل اللقب إيطالي، ومعناه: القائد، كما حصل أيضاً على لقب “باشا” وهو لقب تركي الأصل، ومعناه: الفارس، وكان يمنح من الحكومات إبان الاحتلال البريطاني. وكان صالح باشا بالإضافة إلى إتقانه اللغة العربية وبعض اللغات المحلية، يجيد اللغتين الإنجليزية والإيطالية أيضاً، ويعد هذا الرجل رائد النهضة التعليمية بأرتريا.

إسهاماته في مجال الوقف والعمل الخيري: 

قام الكمندتور صالح بإنشاء أول مدرسة للبنين، ومدرسة للبنات، من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة بأرتريا، وتحديداً في مسقط رأسه “حرقيقو”، وأنفق من أجلها الغالي والنفيس من ماله الخاص ليتلقى الطلاب فيها الدروس النظامية، وأنشأ فيها معهداً للدين الإسلامي ليتعلم الطلاب فيه علوم القرآن الكريم والفقه والعقيدة، كما أقام فيها ملحقاً خاصاً للمعهد الصناعي، بدأ بتعليم حرفة النجارة لتلبية احتياجات المدرسة في أول الأمر، ثم شمل لاحقاً التدريب الفني للكهرباء والميكانيكا.

وضماناً لاستمرار المدرسة ومنهجها المتميز، وحفاظاً على استقلاليتها دون الحاجة إلى الدعم الرسمي من الحكومة، أوقف عليها 44 باباً في مدينة “أديس أبابا” تدر عليها إيرادات وفيرة لتغطية احتياجاتها من مصروفات، بدءاً من رواتب المعلمين والأثاث اللازم، وتوسعة المدرسة لاحقاً وصيانتها، إلى كافة المتطلبات الضرورية لها.

وقد افتُتِحَت المدرسة في يوم الخميس 9 من مارس 1944م، وأقيم حفل مهيب في هذه المناسبة، حضره حاكم عام أرتريا التابع للإدارة البريطانية آنذاك، وسماحة مفتي أرتريا الشيخ إبراهيم مختار الذي ألقى في هذه المناسبة كلمة معبرة ومؤثرة، بالإضافة إلى عدد كبير من أعيان أرتريا.

وقد استعانت المدرسة بالمناهج السودانية وبعض الخبراء التربويين من السودان، خاصة في مرحلة التأسيس.

وبفضل ميزانية المدرسة الضخمة التي كانت توفرها أوقاف صالح باشا عليها، تمكنت المدرسة من تنفيذ الكثير من البرامج الثقافية والرياضية والترفيهية للطلاب، بل وحتى الكتب ومواد القرطاسية التي كانت توزع على الطلاب مجاناً، فضلاً عن المخصصات الشهرية التي كانت تُصرف لبعض الطلاب المتميزين من أبناء الفقراء، وفي نهاية كل سنة دراسية كان يقام حفل كبير للآباء، يتخلله الكثير من البرامج المتنوعة، وفي نهاية الحفل يتم توزيع جوائز قيمة على المتفوقين.

وبعد انضمام أرتريا القسري لأثيوبيا، ظلت المدرسة عصيّة على الاجتياح الثقافي، فحافظت على لغة التعليم بالعربية، وغيّر الكمندتور صالح باشا كيكيا اسم المدرسة لتصبح باسم إمبراطور أثيوبيا هيلا سيلاسي ليجنبها ويجنب تجارته وأمواله في أثيوبيا خطر المصادرة، بحجة تعاونه مع الإيطاليين بمشاريع تجارية، وقد تكفل له الإمبراطور بعد ذلك بعدم التعرض له ولممتلكاته.

الوفاة:

توفي الكمندتور صالح باشا كيكيا عام 1376هـ الموافق لعام 1957م في مدينة “مُصوَع”، ودفن في مسقط رأسه مدينة “حرقيقو”، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجعل أعماله في ميزان حسناته.

المصادر :
موقع مفتي أريتريا الشيخ إبراهيم المختار أحمد عمر.
المرجع :
معجم تراجم أعلام الوقف ج1
إصدار الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت
جمع وإعداد :
د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي – الأمين العام السابق للأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock