للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
منوعاتمنوعات عامة

«الإقصائي الصغير» في داخلك!

( الفوز – الشرق الأوسط )

daily1.445762

يستيقظ «الإقصائي الصغير» في داخلنا حينما تضعف حجتنا. يُقصي الرأي الآخر عندما لا يملك مقارعة الحجة بالحجة.

وليست الحكومات الضعيفة وحدها التي تقصي المخالفين لتوجهاتها، بل حتى الأفراد يمارسون هذا السلوك القمعي، بدرجة أو بأخرى.

فحينما لا نسمح لطفل بالتعبير عن رأيه حتى النهاية، نحن نضرب له مثالا عمليًا في كيفية الإقصاء الحواري.

الإقصائي هو من يحاول بسلوكه أو كلامه أو إيماءاته أن ينفي الرأي الآخر بعيدا عنه. ذلك أنه لا يتحمل سماع رأي مغاير. ولذا كان يقف وراء أخطر أخطاء البشرية عقل إقصائي.

وهذا ما استدعى وضع قرارات شن الحروب أو استخدام أسلحة فتاكة في أيدي أكثر من قيادي أو أن يكون مرهونًا بموافقة جماعية كاسحة للبرلمان حتى يُجرّد القرار من العاطفة أو النفس الإقصائي.

ومن المعيب أن يتشبث الإقصائي برأيه وهو كتلة متحركة من العيوب والأخطاء والأهواء. ذلك أن هذا ما يجعله يتخبط في قراراته ويورط المخلصين المتفانين من حوله.

الإقصائي يريد أن يُجلِس الناس على «دكة الاحتياط» ليتفرجوا عليه وهو «يسرح ويمرح» في الملعب، متناسيًا أن الحياة لعبة جماعية وليست فردية.

تستطيع أن تعرف الإقصائي حينما تلاحظ أن شغله الشاغل العثور على ما يؤكد وجهة نظره، مهما كانت خاطئة أو خطيرة. وهذا ما يدفعه لارتكاب أخطاء فادحة تلو الأخرى. فهو يرى الأمور من منظار واحد.

مثل قائد الطائرة لو حُجِبَت عنه تعليمات برج المراقبة والرادار الدائري الكاشف لما حوله سيتعرض لعواقب وخيمة.

هناك من يقصي فردا من جلسة عصف ذهني مهمة لأن لديه رأيا مخالفا ثم يتمخض اللقاء بولادة أفكار متشابهة كالتوائم! ألا يدرك هؤلاء أن الاختلاف سنة كونية تضفي على قراراتنا وحلولنا نكهة من التنويع والتجديد ومسايرة العصر، لا سيما من فئة الشباب.

وأنا أؤمن إيمانًا راسخًا بأن توليد الأفكار والحلول يتطلب فئات عمرية مختلفة، فلا يعقل أن أناقش مشكلة الضعف في التواصل الإلكتروني لمؤسسة من دون أن أسمح لصغار السن بأن يدلوا بدلوهم، بحكم قربهم لشتى أنواع التكنولوجيا.

المشكلة أن البعض تذهب كل محاولات إقناعه أدراج الرياح لأنه يتشدق برأيه. هنا لا يملك الناس مساعدته لأنه يمعن في النزعة الإقصائية التي تعشق النجومية الفردية.

نحن في الواقع من يجب أن نقصي الإقصائيين لأن فكرهم الذي لا يؤمن بالتعددية الصحية للآراء ينخر في جسد فرق العمل والمؤسسات التي ضاقت ذرعا بهؤلاء «القمعيين الجدد»، الذين يضعون العصا في دولاب التقدم، بكل أشكاله.

بقلم : ا. محمد النغيمش ..

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock