للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
منوعات عامة

الصورة الغارقة 

( الفوز – محليات )

وضع المصور “أودون ريكاردسن” كاميرا آلية إلى جانب فوهة تنفسٍّ في منطقة قطبية، أملًا بالتقاط صورة متكاملة لفقمة. لكن دبًا قطبيًا ظهر.. وأصَرَّ على التحقق من الأمر.

كنتُ منذ عهد ليس بالبعيد مرشدا في رحلة تصوير برية إلى أرخبيل “سفالبارد” الواقع في منتصف الطريق بين البر الرئيس للنرويج والقطب الشمالي. بعد يومين من السفر على متن مركب صغير على طول الساحل الجليدي القاسي، وصلنا إلى مضيق “هورنسوند” على الطرف الجنوبي من جزيرة “سبيتسبيرغن”.

تؤوي هذه المنطقة النائية والهشة حياة برية غنية، وهناك كان بَحثُنا عن الفقمات والدببة القطبية. عندما ثبتنا مرساة المركب على جليد المضيق، شاهدنا عدة فقمات تستريح على الجليد، لكننا لم نر دببة قطبية.

فكرتُ في محاولة التقاط صورة لفقمة حين تصعد لتتنفس من فوهة في الجليد. وضعتُ الكاميرا وجهاز استشعار حركة بالقرب من حافة الفوهة. كانت الخطة أن يُشغِّل جهازُ الاستشعار الكاميرا حين تُطل الفقمة برأسها. كانت الصورة ستضم الفقمة ومن ورائها المحيط البارد القاسي.

في طريق العودة إلى المركب، تساءلت إن كان علي تثبيت الكاميرا تحسبا لأي طارئ، لكن الفقمات قد تنزعجُ أكثر لعودتي، وقد أُحْرَمُ الصورة؛ لذلك قررت ألا أعود.

أيقظنا أحد أفراد الطاقم عند تمام الثانية صباحا. كان قد رأى على ضوء شمس منتصف الليل دبا قطبيا يقترب. ركضنا إلى ظهر المركب لنرى ما سيحدث. في البدء سار الدب نحو المركب ثم نكص على عقبيه واتجه مباشرة نحو الكاميرا. لطالما حلمت بالتقاط صورة لدب قطبي ينتظر لدى فوهة تنفس لعله يظفر بفقمة. علمت أن التقاط الصورة من الصعوبة بمكان، لكني رأيت الأمر ههنا بأم عيني.. كان الحلم قاب قوسين أو أدنى من التحقق.

تفاعل جهاز الاستشعار مع حركة الدب وشغل الكاميرا. طاف الدب بالآلة وتشممها بل لعقها، ثم ما لبث أن طرح جهاز الاستشعار على الجليد وأمسك بالكاميرا ودعامتها وألقى بهما في الثقب. ظلت الكاميرا معلقة بخيط جهاز الاستشعار، ورجوتُ لو أنها تظل كذلك حتى أسترجع بطاقة الذاكرة وما فيها من صور. وكأنَّ الدب سمعني.. إذ عض على خيط جهاز الاستشعار وطفق يتراجع عن الفوهة ويسحب الكاميرا. فجأة انقطع الخيط، وغاصت الكاميرا وبطاقة الذاكرة إلى أزيد من 140 مترا تحت الجليد، ومعهما تلك الصور المستحيلة لدب قطبي من مسافة قريبة.

كانت أسوأ لحظة في مسيرتي الفوتوغرافية، ونغصت علي النوم الهنيء فترة من الزمن. كنت غاضبا من نفسي. لم أنس الأمر. وبدأت تراودني فكرة مجنونة عن إنقاذ الكاميرا. حاولت العثور على شخص قد يساعدني في الأمر، لكن زملائي في الأبحاث القطبية أخبروني أنها على الأرجح غاصت في الوحل الناعم الذي عادة ما يوجد قبالة الأنهار الجليدية. وكدت أسلم بالأمر. مرَّ عام واحد، وطُلِبَ إلي الانضمام إلى رحلة مماثلة على متن المركب نفسه. حصلت على ترخيص باصطحاب عربة مسيَّرة من بعد وزميل لتوجيهها، أملا بمحاولة العثور على الكاميرا.

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock