للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
منوعات عامة

إعدام الأسماك الدخيلة التي تحمل مورثات سمك سلمون قوس قزح الدخيل

( الفوز – منوعات )

كانت الولايات، من كاليفورنيا إلى مونتانا، قد شهدت تساقطات ضئيلة من الثلوج سرعان ما تلاشت بحلول فصل ربيع دافئ وجاف. وسجلت أماكن كثيرة درجات حرارة غير مسبوقة في أواخر يونيو. وقد عانى السمك من جرّاء كل ذلك. وفي ولاية أيداهو، اضطر المسؤولون، بفعل انخفاض منسوب المياه ودرجات الحرارة المرتفعة، لإغلاق “محمية سيلفر كريك”، وهي إحدى المناطق المشهورة عالميًا بصيد السلمون المرقط، وحيث كان الكاتب الأميركي “إرنست هيمنغواي” يمارس هواية الصيد. 

أما في ولاية مونتانا، فقد فُرضت قيود الصيد المسائية التي تمنع الصيد من الساعة الثانية بعد الظهر حتى منتصف الليل على أفضل أنهار صيد السلمون المرقط في العالم، لتخفيف ما ينتج من ضغط على الأسماك بسبب اصطيادها وإطلاقها في أشد الساعات حرارة. وفي فلاتهيد، يتخذ أحد أخطر التهديدات التي يشكلها تغير المناخ على الأسماك طابعًا وراثيًا: إذ تتزاوج الأسماك المجلوبة من أماكن أخرى (أو الدخيلة) مع أسماك السلمون المرقط المحلية، وهي عملية تهجين ما فتئت تتحفّز بتدفقات المياه المتغيرة. وإذا تُركت هذه العملية بلا ضوابط، فمن الممكن أن تؤدي إلى القضاء على أسراب السلمون المرقط وتدمير أحد مصائد الأسماك الأميركية الأثيرة. عندما نتحدث عن أزمة المناخ، فغالبًا ما نركز على الكوارث الكبرى؛ كذوبان غرينلاند.. مثالًا لا حصرًا. ويُحجب النظر عمّا يطال حياتنا اليومية من تغيرات طفيفة؛ ومن ذلك احترار بحيرات المياه الباردة والأنهار والجداول في جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع درجة حرارة هذه المياه، ستواجه العديد من الأسماك مأزقًا مؤكدًا؛ ما يعني أن صيد الأسماك سيكون بدوره في مأزق حرج. والحال أن هذه التغيرات آخذة في التسارع منذ مدة. قد يبدو ذلك أمرًا تافهًا لبعضهم. لكن الصيد لم يكن قَط محض هواية لتزجية الوقت؛ بل هو بمنزلة مخيم صيفي بكل ما تحمله العبارة من دلالات. ويجد ملايين الأشخاص في الصيد وسيلة لفهم العالم الطبيعي بين راحتَيهم. وتراه عائلات عديدة فنًّا يُتناقل بين الأجيال كالإرث، وتقليدًا حكيمًا مشدود الوِثاق كشِدّة خيط الصيد المعقود على الصنارة. “الآن صرتُ أُدرك أن كثيرًا من هواة الصيد لا يَفعلون ذلك لأجل السمك فحسب”، يقول “أوتا بافيل” في مذكراته الحزينة والرائعة، بعنوان “هكذا اهتديتُ إلى معرفة السمك”. تتعدد طرق صيد السمك. تصطاد هاتشيسن بالذبابة الصناعية، وهو أسلوب صيد يمكن القول إنه الأكثر تأنقًا والأكثر سخافة أيضا؛ إذ يحاول الصياد خداع الأسماك عن طريق رمي حشرة صناعية صغيرة ومُغرية في الماء -في المكان المناسب- باستخدام طرق رمي تتطلب سنوات ليُتقنها المرء وثانية واحدة ليأتي بعمل أخرق. ويجتذب هذا النوع من الصيد المهووسين، أو يُوجدهم؛ فهُو بحكم طبيعته، كما أوضح الكاتب “نورمان ماك لين”، يُذكّرنا بعيوبنا ولكنه يسمح لنا أحيانًا بالاقتراب من السمو. وعلى ضفة النهر في ذلك الصباح، قالت هاتشيسن لنا إنه لا داعي للقلق بشأن تلك الأسماك المهجنة. فقد كنا باتجاه المنبع عند “الفرع الأوسط” في مكان يُفترض ألا نرى أيًّا منها. رميت خيط الصيد في الماء. كانت السمكة الأولى التي أمسكت بها هجينة. وكانت الثانية هجينة أيضًا. وكذلك كانت الثالثة.

في أنحاء العالم، يصطاد عدد كبير من الناس السمك من أجل المتعة أكثر من كسب العيش.. ما لا يقل عن 200 مليون شخص في البلدان المتقدمة وحدها. ويَتَّسم الأميركيون بشغف كبير لصيد الأسماك، إذ إن شخصًا واحدًا تقريبًا من بين كل ستة أشخاص أمسك بقصبة صيد في عام 2021؛ وتوجه جلّهم إلى المياه العذبة ببحيرات البلد وأنهاره وجداوله. ويُسهم صيد الأسماك في المياه الداخلية لأغراض الترفيه في دعم اقتصادات مدن صغيرة بأكملها مثل “إنيس” بولاية مونتانا و”ماوبين” بولاية أوريغون، حيث يدرّ نحو 30 مليار دولار في الإنفاق المباشر وحده بالولايات المتحدة كل عام. وعلى الرغم من ذلك، انقرضت أسماك المياه العذبة في أنحاء العالم بوتيرة أسرع مرتين مما انقرضت بها فقريات أخرى خلال القرن العشرين. ففي أميركا الشمالية، تتهدد المخاطر ما يقرب من 40 بالمئة من أسماك المياه الداخلية، وفقًا لدراسة استقصائية أُجريت في عام 2008؛ (700 نوع، أي ما يناهز ضِعف العدد الذي كان قبل 20 عامًا). فما السبب؟ لقد سوّينا الأنهار وجعلناها تجري بشكل مستقيم مثل قنوات المياه، وقطعنا الأشجار في سفوح الجبال، وقمنا بتعبيد ضفاف الأنهار وشيّدنا عليها المنازل، ووجّهنا الطمي والتلوث إلى الجداول، وجلبنا أسماكًا من أماكن أخرى تنافس الأسماك المحلية.

والآن يأتي تغير المناخ ليوجِّه ضربة أخرى، كمن يوجه ركلة دائرية لملاكم أُشبع ضربًا.  يؤثر تغير المناخ في العديد من أسماك المياه الداخلية تأثيرًا شديدًا، بطريقة مباشرة وغير مباشرة. فمع ارتفاع درجات حرارة الجو، تتزايد درجة حرارة الأنهار والجداول. وفي بعض الأحيان، تصبح المياه شديدة السخونة فلا تتحملها الأسماك، أو يجعلها الدفء عرضة للأمراض أو مسببات الأمراض. ويسجَّل في الولايات المتحدة وأماكن أخرى تراجعٌ في تساقط الثلوج الشتوية في الجبال، وهي الثلوج التي تغذي الأنهار والجداول خلال بقية العام، لتفسح المجال لتساقط الأمطار التي تنساب على الفور. وتتساقط الثلوج في وقت متأخر من فصل الشتاء وغالبًا ما تذوب في وقت مبكر من فصل الربيع؛ وفي الجزء الشمالي من جبال “روكي” -حيث تعيش هاتشيسن- حدثت ذروة ذوبان الثلوج مؤخرًا قبل أسابيع من الفترة المعتادة سابقًا. فقِلّة المياه في النهر تعني مساحة أقل لعيش الأسماك؛ وهو ما يحد من أعدادها.

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock