للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
العالم من حولك

متى يستيقظ ضمير العالم ﻹنقاذ مسلمي ميانمار؟

( الفوز – وكالة انباء اراكان )

porma4____copy

متى سيستحي العالم ويواري سوءته الإنسانية في ميانمار؟ أم فقد كل حواسه فلم يعد يسمع الصراخ أو يرى القتل أو يشم راحة دماء مسلمي الروهنجيا التي تسال في كل شبر؟ وماذا بعد؟ هذا السؤال الذي يقفز إلى عقلي مع كل حديث عن قرار لإحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة بشأن الروهنجيا ، وآخرها القرار الذي اعتمده مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والذي يطالب حكومة ميانمار بحماية حقوق الإنسان لجميع الأشخاص على أراضيها بمن فيهم المسلمون الروهنجيا.

القرار الذي اعتمده مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الثالث من الشهر الجاري جاء استجابة لقرار تقدمت به المملكة العربية السعودية، وباكستان نيابة عن الدول الإسلامية، ويطالب حكومة ميانمار باتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للتمييز ضد المسلمين وأبناء الأقليات القومية والعرقية والدينية واللغوية في جميع أنحاء البلاد، ووضع حد للتحريض على الكراهية ضد المسلمين وإدانة هذا التحريض بشكل علني، كما يدعو القرار حكومة ميانمار لمنع التمييز والاستغلال بما في ذلك الاتجار في المسلمين الروهنجيا ، ومعالجة الأسباب الجذرية لهذا التمييز، وإجراء تحقيقات شاملة وشفافة ومستقلة حول تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

MYANMAR-SEASIA-MIGRANTS

وطالب القرار حكومة ميانمار بمنح حقوق المواطنة الكاملة للمسلمين الروهنجيا في ولاية أراكان ومراجعة قانون الجنسية لعام 1982 م، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية كاملة إلى الأشخاص والمجتمعات المتضررة، وتنفيذ اتفاقيات التعاون التي أبرمتها مع المجتمع الدولي ولم تنفذ حتى الآن، وحماية أماكن العبادة التابعة لجميع الديانات، وضمان عودة اللاجئين والمشردين إلى منازلهم، بما في ذلك الروهنجيا المسلمين بالتعاون مع المجتمع الدولي، وطالب القرار المفوض السامي لحقوق الإنسان بتقديم تحديث إلى المجلس عن تطورات الأوضاع في ميانمار الخاصة بالانتهاكات ضد الروهنجيا المسلمين والأقليات الأخرى، خاصة ما يتعلق بالحوادث الأخيرة للاتجار والتهجير القسري للمسلمين الروهنجيا .

سفير السعودية لدى الأمم المتحدة فيصل بن حسن طراد دعا لتحرك عاجل من المجتمع الدولي لمطالبة حكومة ميانمار بالعمل على اعتماد سياسة شفافة وشاملة لوقف كل ممارسات الاضطهاد والتهجير وسرعة الاعتراف بالأقلية المسلمة “الروهنجيا ” وبدون أي تمييز أو تصنيف عرقي، منددًا بالمأساة الإنسانية التي يعيشها مسلمو الروهنجيا، وما يتعرضون له من أعمال قتل واغتصاب وإخلاء قسري للسكان وحملات تطهير عرقي، وعدم الاعتراف بهم كمواطنين وتقييد حرياتهم في التنقل، ومنعهم من أبسط حقوق الإنسان بما فيها الغذاء والرعاية الصحية.

CLGWQdVVEAA7Q_1

من جانبها أشادت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، بالقرار الذي اعتمده مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المؤيد لحقوق مسلمي ميانمار، وقالت في بيان لها إن هذا القرار الأممي يأتي بعد أن استفحلت معاناة المسلمين الروهنجيا  في ميانمار، جراء أعمال العنف والقتل الجماعي والتهجير القسري والتمييز الديني والعرقي الممارسة ضدهم.

هكذا يصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارا لصالح مسلمي الروهنجيا، لكن التاريخ المرير للمسلمين مع القرارات الأممية يجعلنا نجزم أن هذه القرار لن يتم تفعيله إلا إذا رأت الدول الكبرى مصلحة لها في تنفيذه، فمسلموا الروهنجيا يقتلون ويضطهدون منذ عقود ولم يتحرك العالم فلماذا سيتحرك الآن؟ المؤشرات جميعها والتي تشير إلى تقارب أمريكي – غربي مع النظام الفاشي في ميانمار مقابل حصة في الثروات النفطية الموجودة أمام سواحلها وكورقة ضغط على التنين الصيني والتصدي لمحاولته بسط هيمنته على آسيا في ضوء المخطط الإستراتيجي الجديد للولايات المتحدة بتعزيز تواجدها في شرق المحيط الهادي.

من هنا يبدو أن تغير هذا المشهد لن يتم إلا من خلال أحد الأمرين أولهما: هو أن تحتل قضية مسلمي ميانمار أولوية في قائمة اهتمامات القوى الإسلامية الكبرى وهو أمر مستبعد حاليًا في ظل انشغال السعودية بالتصدي للتغول الإيراني في المنطقة ومحاولة تشكيل خريطة تحالفات إقليميه ضده، والقيام بعملية تفكيك للعناصر الموالية لطهران وإجهاض سيطرتهم على الحكم في اليمن والعراق ولبنان بخلاف الوضع الشائك في سوريا، بينما تبدو القاهرة مشغولة بمشاكلها الداخلية وفي مقدمتها ملف مواجهة الإرهاب، في حين تمر تركيا بارتباك سياسي داخلي جراء فقدان حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية وانفراده بإدارة شئون البلاد من جانب ومن جانب آخر فإن تركيا بكل قواها الاجتماعية والسياسية مشغولة بالعمل على منع إقامة دولة كردية في شمال سوريا لخطورة ذلك على أمنها القومي الذي لم يعد مؤمنًا ضد هجمات داعش حيث قتل أكثر من 32 مواطنًا تركيًّا وأصيب العشرات في بلدة سروج في هجوم انتحاري مطلع هذا الأسبوع.

za

جانب من الواقع المرير الذي يعيشه مسلمو الروهنجيا ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها عن معاناة الأمهات من الروهنجيا في تأمين مصاريف تهريب أبنائهن من الاضطهاد الديني ويتحدث التقرير عن حسينة أزهر، الأم الروهنجية التي عانت من ارتفاع واستغلال مهربي البشر، حيث تقول حسينة التي تبلغ من العمر 33 عامًا، إنها اضطرت لترك ابنها البكر وفلذة كبدها أزهر الذي يبلغ من العمر ثلاثة عشر ربيعا فقط، لأن المال الذي معها بعد بيع منزلهم بخمسمائة دولار فقط والمهربون يريدون 2000 دولار ثمن إيصالها لماليزيا.

وكان زوجها قد ركب البحر إلى ماليزيا مثله مثل عشرات الآلاف من الروهنجيا قبل سنتين بعد أن هاجمت العصابات البوذية قريتهم وعثوا في الأرض فسادًا وقتلوا أكثر من مائتي شخص، وقبل السفر حذر الزوج زوجته من أن تتبعه؛ حيث إن الرحلة مضنية ومكلفة وفوق كل ذلك خطيرة، فالمهربون بلا رحمة ومن لا يستطيع تلبية طلباتهم التي لا تنتهي إما يقتلونه وإما يبيعونه في سوق النخاسة وأعمال السخرة.

احتجز المهربون حسينة وأطفالها الثلاثة لأيام كانوا خلالها يكلمون زوجها مرتين في اليوم يطالبونه بدفع ثمن الرحلة، وقد تعرضت حسينة للضرب أكثر من مرة نتيجة استياء الطاقم من عدم قدرة زوجها على الدفع، يقول زوجها إنه توسل بكل من يعرفه للمساعدة، وفي النهاية قبل المهربون بخفض المبلغ ودفعه أحد الأقارب.

1173318069

مخاوف النظام الحاكم في ميانمار من زيادة أعداد المسلمين دفعته لبحث قانون يلزم النساء البوذيات بتسجيل عزمهن على الزواج من رجال ليسوا على دينهن، وأنه يمكن منعهن إذا كانت ثمة اعتراضات، وهو ما عقبت عليه منظمة هيومن رايتس ووتش بالتأكيد على أن مشروع القانون يتعلق بحملة لجماعات بوذية متطرفة تحرض على الكراهية ضد المسلمين، متهمة برلمان ميانمار باللعب بالنار إذا ما حاول تمرير هذا القانون، الذي يعد واحد من أربعة مشاريع قوانين تعرف باسم “قوانين حماية العرق والدين”، التي وصفتها جماعات حقوقية بأنها تمييزية.

هذه الصورة القاتمة عن حال مسلمي الروهنجيا يزيدها قتامة اعتقال السلطات البورمية بقرية دونسي في مدينة “راسيدونغ” ناشطَين روهنجيين بتهم ملفقة بالاتجار بالبشر والاعتداء على عناصر من قوات الأمن، في محاولة لإسكات أي صوت يكشف جرائم النظام الحاكم والرهبان البوذيين، حيث يتعرض الناشطين لتعذيب وحشي على أيدي السلطات التي تطالب كلًا منهما بـ650 دولار مقابل الإفراج عنهما.

بين التصريحات والقرارات الأممية وبين الواقع في ميانمار مساحة من الألم والعذاب يعيشها في كل ثانية مسلمو الروهنجيا بانتظار أن تنفذ القرارات لتنتهي مأساتهم التي لا يرون لها في الأفق نهاية.

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock