للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
منوعات عامة

أين تعيش أطول الأشجار عمرًا في العالم؟ 

( الفوز – دوليات )

على ارتفاع شاهق في صحراء نيفادا القاحلة وضمن “متنزه غريت باسين الوطني”، تعيش بعض أقدم مخلوقات كوكب الأرض التي ما تزال على قيد الحياة، حيث تنمو وتقف شامخة فوق الصخور الجيرية. تروي الجذوع الملتوية لأشجار صنوبر “بريستلكون” المعمرة قصة عمرها آلاف السنين في مواجهة الرياح والعواصف العاتية. ويفوق عمر  هذه الأشجار، المنتشرة ضمن المنتزه، ألف سنة.

يرجع أحد أسباب ازدهار العديد من أشجار بريستلكون ضمن هذه البيئة القاسية إلى حقيقة أن لا شيء آخر يعيش هنا على ارتفاع يفوق 3300 متر. فلا منافسة على مساحتها، ولا أشجار تنقل لها الأمراض، ولا طفيليات تتغلغل في جذوعها، ولا بشر يشعلون الحرائق. تعيش هنا لوحدها وتجمع المياه في أوراقها الإبرية دائمة الخضرة لتبقى صامدة عقودًا وتنمو ببطئ وانسجام مع الطبيعة. نموها البطيء للغاية يجعل من خشبها، شديد المتانة، يتعسر على الطفيليات والخنافس اختراقه. كما تمارس هذه الأشجار المعمرة أسلوبًا يدعى “تعرية اللحاء” للنجاة. فعندما تواجه ظروفًا صعبة تهدد وجودها مثل، انحسار التربة وتقدم العمر، عندها ينفق من الشجرة الجزء الأشد عرضة للضرر في حين تصمد بقية الشجرة. ومن النادر جدًا العثور على شجرة بريستلكون معمرة وحية بهيأتها الكاملة، بل يكون الجزء الحي من الشجرة بالعادة صغيرًا مقارنة بحجمها.

ظَنَ العلماء أن أشجار صنوبر بريستلكون في منتزه غريت باسين الوطني هي الأقدم عمرًا؛ حتى اكتشفوا الشجرة التي أُطلق عليها اسم “ميثوسيلا”، وهي شجرة بريستلكون في “جبال كاليفورنيا البيضاء”؛ إذ تشير الأدلة إلى أن عمرها يبلغ حوالى 4850 سنة، ويُعتقد بأن هذه الشجرة هي أقدم مخلوق حي على كوكب الأرض. لكن منافسًا لها برز من جنوب الكرة الأرضية، إذ أعلن “جوناثان باريشيفيتش” عالم البيئة من تشيلي عثوره على شجر “سرو باتاغونيا” أطول عمرًا. خلق هذا الإعلان الصادم زخمًا في الأوساط العلمية، إذ زعم جوناثان أن عمر شجرة سرو باتاغونيا يقدر بنحو 5400 سنة، مع نسبة صواب تبلغ 80 بالمئة أن عمرها يفوق 5 آلاف سنة. ويشكك العديد من العلماء في صحة هذا الادعاء، خاصة أن أسلوب حساب العمر غير معهود، كما أن الاكتشاف لم يُراجع من قبل علماء آخرين بعد، وأن الظروف البيئية التي تعيش فيها شجرة السرو تختلف تمامًا عن محيط أشجار بريستلكون.

يُعرف عن أشجار سرو باتاغونيا أنها ثاني أطول الأشجار عمرًا في العالم. لكنها تنمو في غابات مطرية مليئة بأشكال الحياة الأخرى والمخاطر التي تشكل تهديدًا لها، على عكس الظروف البيئية حيث تنمو أشجار صنوبر بريستلكون منعزلة فوق القمم الصخرية الجافة، ما يسمح لها بالازدهار لقرون.

وبغض النظر عن أي الشجرتين هي أطول عمرًا بحق، فإن كلتيهما تواجه مصيرًا مجهولًا في المستقبل نتيجة التغير المناخي. فارتفاع درجات الحرارة، وتزايد حرائق الغابات، واشتداد الجفاف عوامل قد تتسبب بأضرار جسيمة لأشجار الصنوبر والسرو معًا في السنوات المقبلة. يسابق العلماء الزمن لإدراك مدى الأذى الذي قد تتعرض له هذه الأشجار والبحث عن حلول تحد من آثار التغير المناخي. وحدها الأيام ستكشف لنا مدى قدرة هذه الأشجار المعمرة على التأقلم والصمود في وجه ما هو آتٍ.

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock