للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
إضاءات

د. عبدالمحسن الخرافي / التوظيف الأمثل للقوى البشرية المتاحة

( الفوز – مقالات )

ثمة مدارس مختلفة في الإدارة. هناك اتجاهات جذرية، ترى وجوب تغيير القديم، وأن تستبدل مكانه أنظمة أخرى، ترى أنها أقدر على تنفيذ الأهداف المرجوّة، وقد ترى ذلك التغيير في حد ذاته إنجازًا. 

وعلى المستوى الشخصي، فلست من أنصار هذا الاتجاه، ولا أرى أن التغيير في حد ذاته إنجاز، ما لم يكن التغيير وظيفيًّا وله غرض يتناسب مع التغيير وكُلفته.

فأنا أؤمن بالاستفادة من الطاقات الموجودة المتاحة؛ الاستفادة القصوى، ولا أؤمن بنظرية التغيير، بل أحبّذ بدلًا منها: نظرية التشكيل، بمعنى إمكانية التعديل في اللباس بدلًا من نزع لباس ولبس آخر.

إن لهذا الاتجاه الإداري الذي أؤمن به مميزات عديدة، وبخاصة مع المهمات الإدارية الجديدة. فإن تلك المدرسة تؤثر بالإيجاب على تحدّي الانسجام مع المجتمع الإداري الجديد الذي يمارس فيه الإداري وظيفته، بحيث لا يُحدث أثرًا سلبيًّا أو انقلابًا، يعود على الكادر الإداري بالترقب أو الانقباض، بما يعود على العمل جميعِه بالسلب. كما أن رفع إمكانية التوظيف الأمثل للقوى البشرية المتاحة يعني الاستفادة من خبرات الموظفين الموجودين بالفعل، وتعظيمها، ولا شكَّ أن هذا أيسر وأكثر نفعًا من استحداث طاقات بشرية أخرى جديدة. فيمكن أن تستفيد من طاقات من يعطي مئة بالمئة، ومن يعطي تسعين بالمائة، انتهاء بمن يعطي عشرة بالمائة، فينبغي التعامل مع الجميع والاستفادة منهم الاستفادةَ القصوى في ظل الأنظمة واللوائح الموجودة.

وقد كانت هذه هي الطريقة المثلى التي آثرت الأمانة العامة للأوقاف انتباهها في الفترة (2011-2015م).

ومن السبل المعينة التي تمكنت الأمانة من خلالها من التوظيف الأمثل للقوى البشرية المتاحة: حسن استخدام التحفيز والحوافز، وقد تناولنا ما يتعلق بالحوافز وفوائدها في نقطة سابقة، وقد لمستُ ذلك بالفعل، فإنه يمكنك بواسطتها أن تحفز الأداء بحيث تستفيد من الطاقة القصوى للموظفين.

ويضاف إلى ذلك نمط التعامل الإداري مع الموظفين. وإن أهم ما يجب أن يتسم به السلوك الإداري تجاه العاملين والموظفين هو الاحترام والتقدير، فينبغي أن تشعِر الموظف بقيمته واعتباره، واحترام رأيه، وحاجاته، وأنه شريك في المسؤولية والنجاح والإخفاق، لا أن يكون محلًّا للتعليمات المتتابعة، واللوم المستمر عند حدوث بعض التقصير دون أن يكافأ ذلك بالإشادة والتشجيع والتقويم الإيجابي في حالات حسن الأداء.

والتجربة التي نتناولها في هذا السياق تفيد أنّ أثر هذا الاحترام والتقدير يظهر ولابدَّ على الأداء وحسن الاستجابة والتفاني في العمل. وقد كان كثيرا ما يتصل بي موظّفات، وربّات بيوت لديهن مسؤولياتهن، ومع ذلك يقلن لي:
لو تريد منّا أن نأتي بعد الظهر اي بعد انتهاء دوامنا الرسمي لإكمال مهمات معينة؛ فلا مانع لدينا! ذلك رغم أنهن غير ملزماتٍ بذلك، إلا أنهنّ كُنَّ يقلن بصريح العبارة:
يكفينا هذا التقدير وهذا الاحترام وهذه الثقة وهذا التفويض.

فالمستفاد من ذلك أن المعاملة بالحسنى، وملاطفة الموظفين، ومنحهم الثقة، وإعطاءهم الفرصة، وعدم تصيّد الأخطاء لهم، وترك التشدّد في معاملتهم، والتحفيز والمتابعة المباشرة، وليس الإشعار بعدم الاكتراث وعدم المبالاة؛ كل هذا يسمح بالتعاون وبناء الثقة المتبادلة بين المدير والموظفين، ومن ثَمَّ تظهر آثاره المباشرة على جودة العمل وتطويره وتعظيم النفع منه. وهذا الذي يتلخّص في عبارة: التوظيف الأمثل للقوى البشرية المتاحة.

بقلم : د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
الأمين العام السابق للأمانة العامة للأوقاف
دولة الكويت

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock