للاعلان هنا .. اتصل بنا على 99793374
العالم من حولك

خفر السواحل : أصعب اللحظات حين ننتشل جثث أطفال

( الفوز – دوليات ) 

image

يجوب حرس السواحل اليونانيون كل ليلة المياه الاقليمية اليونانية لرصد قوارب اللاجئين. مهمة صعبة وقاسية احيانا، خاصة حين تنتهي احيانا بانتشال جثث اطفال. محرر صحيفة ليبيراسيون رافق هؤلاء الحرس في احدى مهماتهم وعاد بهذا «الريبورتاج».

«انطلقوا نحو الشمال، انهم في حاجة إلى مساعدة». ما ان انتهت المكالمة الهاتفية،حتى امر النقيب مايكل كابيتانليس القبطان ديميتريس داسكالو بتغيير الوجهة.

كانت الساعة الــ 3.45 صباحا من يوم 7 مارس، حين كان هؤلاء الافراد الخمسة الذين ينتمون الى حرس السواحل اليونانية، يراقبون المياه الاقليمية حول ليسبوس على متن فرقاطة من نوع PLS602 منذ حوالي الساعتين.

في عرض البحر لا تستطيع العين المجردة تمييز أي شيء من شدة الظلام الدامس، لكن في الجهة الأخرى من الجزيرة، كان هناك مركب محمل بالمهاجرين، لا يكاد يُرى في هذا المكان الذي يقع في بحر إيجه، بين ثالثة كبرى الجزر اليونانية، والساحل التركي.

تساءل النقيب: ل.م لَم يرصد احد في الجانب الآخر هذا المركب؟! لقد كان صوته يعبر عن قلقه، لأن حياة أناس كثيرين في خطر ولا احد في الجانب الثاني تحرك، في ما لم يلاحظ حرس السواحل الاتراك وجود المركب ولا مغادرته السواحل التركية، رغم انه غادر في النهار والرادارات والكاميرات الحرارية يمكن ان ترصده، ورغم ان الاتحاد الأوروبي وعد بمنح تركيا 3 مليارات يورو، ان هي راقبت حدودها الخارجية.
غيرت الفرقاطة وجهتها نحو الشمال.

وفجأة نبهت معدات المراقبة إلى وجود قارب، لكن لم تكن تظهر على البحر اي نقطة ضوء. يقول نيكوس فراغوليس ان هذه هي حالة اللاجئين كل مرة، حيث يبحرون من دون إنارة.

التحق نيكوس منذ اربعة أعوام بالقوات البحرية اليونانية ويقول ان اللاجئين يشقون البحر من دون سابق معرفة به، ومن دون حتى من يقود المركب، لكن احدهم يتسلم المهمة الى اليونان. وهنا يتدخل النقيب قائلاً: «حين يروننا يشعلون هواتفهم النقالة، حتى نستطيع رصدهم».

35 لاجئاً عند الساعة الــ4 .20 :
كان ستراتوس اندونيو وكوستاس كارانيكولوبولوس يتفحصان الشاشات، بينما كانت الكشافات الضوئية بأيديهما، اما النقيب فكان يفتش في الليل بين الأمواج. واخيرا لاح في الأفق قارب مطاطي تابع لمنظمة غير حكومية، لا ينبعث منه اي ضوء. يقول النقيب ان قائد المركب المطاطي، وهو الماني اخترق القانون البحري الدولي وعرض حياته وحياة الآخرين للخطر، لذلك سأكتب تقريرا فور العودة.

لقد غيرت الفرقاطة اتجاهها من دون فائدة فعند الساعة الــ 4.20 وحين وصل طاقمها الى المكان، تبين لهم ان زملاءهم أنقذوا المهاجرين، البالغ عددهم 35 مهاجرا، نجوا من موت محقق.

وكان 25 مهاجرا قد قضوا حتفهم في الليلة الماضية، بعد انقلاب مركبهم في عرض مياه منتجع ديديم في جنوب غرب تركيا، وقد تمكن افراد حرس السواحل الاتراك من انقاذ 15 آخرين.

وعلى متن الفرقاطة 602 التي استأنفت رحلتها باتجاه ميتيلان، يروي افراد طاقمها كثيراً من القصص. ويقول النقيب كابيتانيليس انه رأى بأم عينيه حرس السواحل الاتراك يساعدون المهاجرين على اختراق المياه الاقليمية.

ويضيف «انهم يرافقونهم الى غاية المياه الاقليمية اليونانية». ثم تحولنا إلى الحديث عن الازمة، فقال المتحدث ذاته «لقد اقتطعت نسبة 30 في المئة من مرتباتنا، وعلينا أن نشتري لباسنا العسكري. وبينما كنا نتحدث رن الهاتف، حيث بلغت الخطيب رسالة نجدة عن طريق الفايبر».

ويقول مايكل كابيتانيليس ان المهاجرين يرسلون بانتظام رسائل واحيانا يبلغون عن موقعهم بالتحديد، وبينما كانت القيادة المركزية تحاول تحديد موقع الهاتف النقال، اكدت السلطات في ميناء ميتيلان تلقي انذارات مباشرة.

ولا يملك اللاجئون على متن قواربهم الا هواتفهم النقالة ورقم النجدة في الجانب اليوناني، وفق المتحدث ذاته.

إنقاذ 74 مهاجراً :
عند الساعة الخامسة والربع، انجلى الليل وبدأت الشمس بالسطوع مؤذنة ببداية يوم جديد. وفي ذلك الوقت بدأت الأمواج بالتلاطم حول الفرقاطة اليونانية. بعد 45 دقيقة بالضبط ظهر مركب مطاطي على الكاميرا الحرارية، لكن النقيب اكتشف ان المركب في وضعية سيئة ويستحيل الاقتراب منه، لان ذلك سيسبب انقلابه.

دفع هذا الوضع النقيب إلى استخدام الميكروفون لابلاغ مَن على المركب بضرورة اتباع التعليمات حتى لا يضيعوا في عرض البحر. كانت نصف ساعة صعبة للغاية، لان كل واحد من المنقذين او اللاجئين يواجه فعليا خطر الموت. ففي القرب من الساحل كان ارتفاع الأمواج يتجاوز المتر.

قاد حرس السواحل المركب المطاطي باتجاه منطقة يبدو فيها البحر هادئا وفجأة علا صوت النقيب، طالبا منهم ايقاف المحرك وربط الحبال، بينما كان المهاجرون يختلجون من البرد ومذهولين من شدة هيجان البحر.

خلال بضع دقائق بدأ اوائل اللاجئين بالصعود الى الفرقاطة وكانوا يبكون ويصرخون، اما وجوههم فكانت تحمل اثارا وندبات رحلة طويلة ومشاقّ لا يمكن للزمن ان يمحوها بسرعة، لقد قضوا عدة ساعات في الماء تتقاذفهم الامواج الباردة والرياح، بينما كانت بعض النسوة يحتضن رُضعا لم تكن اعمارهم تتجاوز ثلاثة أشهر، بينما كانت امرأة تعاني بسبب الوضع، بينما كانت نظرات بعض الأطفال غائرة وعيونهم تحيط بها الهالات السوداء وأجسادهم ترتعش من شدة الخوف والبرد.

410 حالات وفاة منذ يناير:
لم يكن اللاجئون يفقهون شيئا مما يدور من حولهم، لكن كل تركيزهم كان حول الانتقال الى الضفة الاخرى، حيث الامان، وبينما كنا في طريقنا الى اليابسة اقتربت ام من كابينة القبطان، وقالت للنقيب ان رضيعها يعاني من شدة البرد.

هذا النقيب، وهو اب لطفلين، لم يتأخر في ان يطلب من نيكوس تمزيق بطانية، حتى تتمكن الام من لف طفلها، بعد ان تجمدت ملابسه. كانت الدموع تنهمر على خدي الام، والجميع يرمقها بحسرة وأسى من دون ان ينبس احد ببنت شفة.

ويقول النقيب الشاب كريستوس كوركيزوغلو، الذي اصبح ابا منذ شهرين فقط: إن اقسى ما يواجهه حرس السواحل اليونانيون هو انتشال جثث من البحر، وعلى الخصوص جثث أطفال.

عند وصولنا الى ميناء ميتيلان كانت سيارة اسعاف في انتظار السيدة الحامل والامل، ورضيعها، وحافلة تابعة للمفوضية العليا للاجئين المكلفة بملف الغرقى. لقد تم نقلهم جميعا وتحديد هوياتهم والتمييز بين اللاجئين والمهاجرين منهم، لاسباب اقتصادية.

وتشير الاحصائيات منذ بداية العام الحالي الى ان 410 أشخاص قضوا نحبهم في حوض البحر الأبيض المتوسط، بينما نجح قرابة 150 ألف شخص في الوصول الى اليونان، اكثر من نصفهم وصلوا عن طريق ليبسوس.

ويقول انتونيوس سوفياديليس، وهو مسؤول أمني في ميناء ميتيلين: إن حرس السواحل رصدوا غالبيتهم وأنقذوهم من الموت.

للإستعلام عن المخالفات ودفع الغرامات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock